يعدّ العملاء مقياس التفوّق الفارق لنجاح منظّمات الأعمال في وقتنا الحالي؛ فالميزة التنافسية الحقيقية بين الشركات في الأسواق تُقاس بجودة العملاء الذين تحتفظ بهم وما مدى قدرتها على تلبية احتياجاتهم ومتطلّباتهم باستمرار؛ لذلك أصبح التمحور حول العميل الذي يعرف أيضًا بمسمّى (Customer Centric) له أهمية كبيرة لضمان زيادة الأداء التجاري واكتساب ميزة تنافسية لدى العديد من المؤسسات والشركات.
خلال فترة التطور الاقتصادي حدثت الكثير من التحولات بين العملاء والشركات، حيث ساهم ذلك في توفر المعلومات وتعدد الخيارات المتاحة أمام العميل لذا أصبح أكثر انتقائية بشكل كبير، حيث يمكن له الآن مقارنة المنتجات والخدمات في الوقت الحقيقي ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي والبيع الإلكتروني في الأفق التقني، مما أصبح يمثل تحدّيًا كبيرًا للكثير من الشركات والعلامات التجارية.
ولذلك من المهم أن ندرك أن التمركز حول العميل ليس مجرد مفهوم فلسفي، بل هو استراتيجية عمل تتطلب التفكير بشكل شامل وتقديم تجربة متميزة للعملاء في جميع نقاط الاتصال مع الشركة. يشمل ذلك تصميم المنتجات والخدمات بناءً على احتياجات العملاء، وتحسين عمليات الخدمة ومواكبة تطلعاتهم لتوفير تجربة سلسة ومرضية.
لذا تتبع الشركات والمؤسسات التي تركّز على العملاء عدّة استراتيجيات لفهم احتياجاتهم، ويمكن استخدام تحليلات العملاء للحصول على نظرة كاملة حول عملائهم وتصنيفهم إلى عدة فئات. وبناءً على النتائج النهائية المُستخرجة من جمع الملاحظات والاستفسارات يتمّ العمل على تلبية تلك الاحتياجات للحفاظ على القيمة الدائمة لعملائهم كأساس تعمل عليه الشركة، لتوفّر لهم تجربة إيجابية قبل وأثناء وبعد عملية البيع، مما يساهم في تحسين جودة الاتصال مع كافّة العملاء وتطوير العلاقة معهم.
كما نلاحظ أن أحد العوائد الإيجابية للشركات وقطاع الأعمال التجارية التي تستخدم أساليب للتمحور حول العميل؛ بأن لديها المقدرة على ابتكار منتجات وخدمات تتوافق مع تطلعات عملاءها وهذا يضمن استمرار علاقتها بهم وبالتالي تحافظ على استدامة الأرباح في المستقبل. حيث أكّدت الدراسات المالية أن الشركات التي تركّز على التمحور حول العميل هي أكثر ربحية بنسبة 60 في المائة تقريبًا مقارنةً بالشركات الأخرى.
وهذا يعني أن جميع الإدارات بحاجة للعمل معًا، وبناء وجهة نظر تركّز على فهم العميل بدلاً من منظور يركّز على المنتج نفسه، لذا فإن أكبر مشكلة تواجه الشركات هو عدم بنائها لثقافة التمحور حول العميل داخل أسوارها، حيث إنّ التمحور حول العميل لا بد أن يكون عملاً جماعيًا يبدأ من القيادة ويمرّ بكل الوحدات العاملة في الشركة. مرورًا بقسم الموارد البشرية والمالية والاستراتيجية، والعمليات الداخلية، والدعم الفني، وغيرها.
يمكن تلخيص فكرة التمحور حول العميل ببساطة بـأن الشركات تركز على العميل في جميع مراحل أعمالها، بدءًا من تطوير المنتجات وحتى خدمات ما بعد البيع بهدف تلبية احتياجات وتطلعات العملاء وبناء علاقة اقتصادية مستدامة معهم.